في صعيــد عرفـــات !!!( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد ) ( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد ) في
تلك البقعة الطاهرة في العام مرة .. تختفي الألقاب وتختفي الأكثرية وتختفي
الأقلية .. وتتوحد المقامات .. وتختفي الرتب والدرجات .. و تتداخل الأعراق
وتتمازج الألوان .. توحد في اللباس وتوحد في القياس .. صاحب الجاه في ذلك
اليوم مجهول الألقاب في زمرة الملايين .. ومجهول الحال في ذلك اليوم أيضاً
مستور في زمرة الملايين .. عدالة سماوية تؤكد الحقيقة في أن الناس في
الإسلام سواسية كأسنان المشط .. لا فرق بين عجمي وعربي ولا بين أبيض وأسود
إلا بالتقوى .. والتقوى معياره بيد علام الغيوب .. هناك في صعيد عرفات
تتساوى المقامات .. والذي يجانب المسلم ويجاوره هو مسلم .. فقط بعلاقة
الدين وتلك العقيدة العظيمة .. فهو في ذلك الصعيد بلباس هو للجميع وحال هو
حال الآخرين .. والكل في حوجة لرحمة رب العالمين .. وقد تكون يد الغني
مرفوعة لعطاء الله قبل يد الفقير .. والذي يلبي هو فقط مسلم .. والذي يدعو
هو فقط مسلم .. والذي يهرول هو فقط مسلم .. والذي يطوف هو فقط مسلم ..
والذي يسعى هو فقط مسلم .. والذي ينحر هو فقط مسلم .. والذي يرمي هو فقط
مسلم .. فكل الشعائر أمر يتم تحت شعار فقط هو مسلم أو مسلمة .. فاختفت
الألقاب والكنيات والأوسمة والجدارات .. وفي ذاك المكان في صعيد عرفات قمة
التواضع حيث أولئك الشعث الغبر .. وحيث الأكف المرفوعة بالدعاء والاستغفار
.. ورب أكفة مرفوعة لله في ذلك اليوم تحمل ما لا تطيقه الجبال من حمل
وأوزار .. ثم عادت لوجه صاحبها تمسح دموع الندامة .. فإذا برحمة الله تذهب
الأوزار ولو كانت في كثرة زبد البحار .. وهو بحكمته تعالى أراد أن يكون ذلك
اليوم ساتراً يقف في ظل الستار من كان على جاه ومن كان على تواضع .. جنباً
على جنب .. وقد لا يدري أحد بسر الآخر .. فذاك صاحب المقام في ذلك الموقف
مجهول متى ما التزم التواضع .. وذاك صاحب الحال تواضعه محمود ومستور أيضاً
.. ومجهول ومستور تحت غطاء الستر .. (
وسبحانه الله ) حيث تختفي وتضيع الفوارق ويصبح الخلق هم حجاج بيت الله ..
وفقط يبقي اسم ( المسلم ) كدليل ومعيار .. ثم هو ذاك الحاج .. ويختفي الشرق
ويختفي الغرب ويختفي الشمال ويختفي الجنوب .. خلق من صلب آدم .. والرب
واحد .. والقبلة واحدة .. والأكف جميعها مرفوعة نحو السماء .. والاجتهاد من
الكل قائم لنيل المزيد من درجات التقوى التي تفضل الناس يوم القيامة ..
فهناك عند الحساب تظهر مقامات التقوى عند ساحات الميزان .. وتظهر درجات
العمل .. فكاسب وخاسر .. وحتى مقامات الرابحين هي درجات بمقدار الأعمال
الصالحة .. ويهنأ من كان من المقربين أو كان من أصحاب اليمين والأولياء
والصالحين .
فنسأل الله رب العرش العظيم أن ينالنا برحمته في زمرة المغفور لهم .. وأن يشملنا تحت غطاء الأولياء الذين يدخلون تحت قوله تعالى :
( ألاإن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد